responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 26  صفحه : 311
وَحَادِثٍ إِذَا نَظَرْتَ إِلَى مَجْمُوعِهِمَا لَا تَجِدُهُمَا فِي الْأَزَلِ وَإِنَّمَا تَجِدُهُمَا جَمِيعًا فِيمَا لَا يَزَالُ فَلَهُ مَعْنَى الْحُدُوثِ وَلَكِنَّ الْإِطْلَاقَ مُوهِمٌ، فَتَفَكَّرْ جِدًّا وَلَا تَقُلِ الْمَجْمُوعُ حَادِثٌ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ مُرَادِكَ، فَإِنَّ ذَلِكَ قَدْ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ الْجَمِيعَ حَادِثٌ، بَلْ حَقِّقِ الْإِشَارَةَ وجود العبارة وَقُلْ أَحَدُ طَرَفَيِ الْمَجْمُوعِ قَدِيمٌ وَالْآخَرُ حَادِثٌ وَلَمْ يَكُنِ الْآخَرُ مَعَهُ فِي الْأَزَلِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: كُنْ مِنَ الْحُرُوفِ، نَقُولُ الْكَلَامُ يُطْلَقُ عَلَى مَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا: مَا عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِ وَالثَّانِي: مَا عِنْدَ السَّامِعِ، ثُمَّ إِنَّ أَحَدَهُمَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ هُوَ الْآخَرُ وَمِنْ هَذَا يَظْهَرُ فَوَائِدُ. أَمَّا بَيَانُ مَا ذَكَرْنَاهُ، فَلِأَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا قَالَ لِغَيْرِهِ عِنْدِي كَلَامٌ أُرِيدُ أَنْ أَقُولَهُ لَكَ غَدًا، ثُمَّ إِنَّ السَّامِعَ أَتَاهُ غَدًا وَسَأَلَهُ عَنِ الْكَلَامِ الَّذِي كَانَ عِنْدَهُ أَمْسِ، فَيَقُولُ لَهُ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَحْضُرَ عِنْدِي الْيَوْمَ، فَهَذَا الْكَلَامُ أَطْلَقَ عَلَيْهِ الْمُتَكَلِّمُ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَكَ أَمْسِ وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَ السَّامِعِ، ثُمَّ حَصَلَ عِنْدَ السَّامِعِ بِحَرْفٍ وَصَوْتٍ وَيُطْلِقُ عَلَيْهِ أَنَّ هَذَا الَّذِي سَمِعْتَ هُوَ الَّذِي كَانَ عِنْدِي، وَيَعْلَمُ كُلُّ عَاقِلٍ أَنَّ الصَّوْتَ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِ أَمْسِ وَلَا الْحَرْفَ، لِأَنَّ الْكَلَامَ الَّذِي عِنْدَهُ جَازَ أَنْ يذكره بالعربي فَيَكُونُ لَهُ حُرُوفٌ، وَجَازَ أَنْ يَذْكُرَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ فَيَكُونُ لَهُ حُرُوفٌ أُخَرُ، وَالْكَلَامُ الَّذِي عِنْدَهُ وَوَعَدَ بِهِ وَاحِدٌ وَالْحُرُوفُ مُخْتَلِفَةٌ كَثِيرَةٌ، فَإِذَا مَعْنَى قَوْلِهِ هَذَا مَا كَانَ عِنْدِي، هُوَ أَنَّ هَذَا يُؤَدِّي إِلَيْكَ مَا كَانَ عِنْدِي، وَهَذَا أَيْضًا مَجَازٌ، لِأَنَّ الَّذِي عِنْدَهُ مَا انْتَقَلَ إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا عَلِمَ ذَلِكَ وَحَصَلَ عِنْدَهُ بِهِ عِلْمٌ مُسْتَفَادٌ مِنَ السَّمْعِ أَوِ الْبَصَرِ فِي الْقِرَاءَةِ وَالْكِتَابَةِ أَوِ الْإِشَارَةِ، إِذَا عَلِمْتَ هَذَا فَالْكَلَامُ الَّذِي عِنْدَ اللَّهِ وَصِفَةٌ لَهُ لَيْسَ بِحَرْفٍ عَلَى مَا بَانَ، وَالَّذِي يَحْصُلُ عِنْدَ السَّامِعِ حَرْفٌ وَصَوْتٌ وَأَحَدُهُمَا الْآخَرُ لِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الْمَعْنَى وَتَوَسُّعِ الْإِطْلَاقِ، فَإِذَا قَالَ تَعَالَى: (يَقُولَ لَهُ) حَصَلَ قَائِلٌ وَسَامِعٌ. فَاعْتَبَرَهَا مِنْ جَانِبِ السَّامِعِ لِكَوْنِ وُجُودِ الْفِعْلِ مِنَ السَّامِعِ لِذَلِكَ الْقَوْلِ فَعَبَّرَ عَنْهُ بِالْكَافِ وَالنُّونِ الَّذِي يَحْدُثُ عِنْدَ السَّامِعِ وَيَحْدُثُ بِهِ الْمَطْلُوبُ. ثم قال تعالى:

[سورة يس (36) : آية 83]
فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (83)
لَمَّا تَقَرَّرَتِ الْوَحْدَانِيَّةُ وَالْإِعَادَةُ وَأَنْكَرُوهَا وَقَالُوا بِأَنَّ غَيْرَ اللَّهِ آلِهَةٌ، قَالَ تَعَالَى وَتَنَزَّهَ عَنِ الشَّرِيكِ:
الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَكُلُّ شَيْءٍ مِلْكُهُ فَكَيْفَ يَكُونُ الْمَمْلُوكُ لِلْمَالِكِ شَرِيكًا، وَقَالُوا بِأَنَّ الْإِعَادَةَ لَا تَكُونُ، فَقَالَ: وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ رَدًّا عَلَيْهِمْ فِي الْأَمْرَيْنِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا يَتَعَلَّقُ بِالنَّحْوِ فِي قَوْلِهِ: سُبْحَانَ، أَيْ سَبِّحُوا تَسْبِيحَ الَّذِي أَوْ سَبِّحْ مَنْ في السموات وَالْأَرْضِ تَسْبِيحَ الَّذِي فَسُبْحانَ عَلَمٌ لِلتَّسْبِيحِ، وَالتَّسْبِيحُ هُوَ التَّنْزِيهُ، وَالْمَلَكُوتُ مُبَالَغَةٌ فِي الْمُلْكِ كَالرَّحَمُوتِ وَالرَّهَبُوتِ، وَهُوَ فَعَلُولٌ أَوْ فَعَلُوتٌ فِيهِ كَلَامٌ، وَمَنْ قَالَ هُوَ فَعَلُولٌ جَعَلُوهُ مُلْحَقًا بِهِ.
ثم إن
النبي صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ قَلْبًا وَقَلْبُ الْقُرْآنِ يس»
وَقَالَ الْغَزَالِيُّ فِيهِ: إِنَّ ذَلِكَ لِأَنَّ الْإِيمَانَ صِحَّتُهُ بِالِاعْتِرَافِ بِالْحَشْرِ، وَالْحَشْرُ مُقَرَّرٌ فِي هَذِهِ السُّورَةِ بِأَبْلَغِ وَجْهٍ، فَجَعَلَهُ قَلْبَ الْقُرْآنِ لِذَلِكَ، وَاسْتَحْسَنَهُ فَخْرُ الدِّينِ الرَّازِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى [1] سَمِعْتُهُ يَتَرَحَّمُ عَلَيْهِ بِسَبَبِ هَذَا الْكَلَامِ.
وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ بِأَنَّ هَذِهِ السُّورَةَ لَيْسَ فِيهَا إِلَّا تَقْرِيرُ الْأُصُولِ الثَّلَاثَةِ بِأَقْوَى الْبَرَاهِينِ فَابْتِدَاؤُهَا بَيَانُ الرِّسَالَةِ بِقَوْلِهِ: إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ [يس: 3] وَدَلِيلُهَا مَا قَدَّمَهُ عَلَيْهَا بِقَوْلِهِ: وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ [يس: 2] وما أخره

[1] قوله: «واستحسنه فخر الدين الرازي إلخ» يفيد أن المتكلم غير المؤلف، فلعل هذا الكلام زيادة علق بها تلميذ المؤلف رحمهما الله.
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 26  صفحه : 311
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست